ريما خلف والذئب الإسرائيلي

رعد تغوج

لأنها ألبتْ العصيان على نون النُسوة وقلبتْ مُعادلة تاء التأنيث رأساً على عقب ، بل ورفعت البيرق العربيّ والأردنيّ في سماوات الدبلوماسية الدولية ، تُتهم مراراً ، ويُكالُ لها الحقد والكراهية ، وسطَ جوٍ مليءٍ بالدسائس والمُؤامرات والكمائن ، وكأنَ المُعادلة التي بشّرَ بها المُفكر توماس هوبز عِندما قالَ أنَّ الإنسانَ ذئبٌ لأخيه الإنسان ! بيدَّ أنَّ ديدنَ النجاح ماضٍ ولا شمسَ تُذيبُ الشموع التي أحرقتْ نفسها لتضيء غيرها .

مَنْ لم يتورط غيرها من المبدعين بمعاداة السامية في هذا الزمن الذي تُطالبُ فيه الزهور أنْ تُقدمَ أوراق إعتمادها للصهيونية التي هي بالقرار الذي ألغي – ولأول مرة في تاريخ الأمم المُتحدة – الذي يُعرفها بأنها شكلٌ من أشكال التمييز العنصريّ .

عرفت المحافل العالمية أنّ الأردن صانعُ سلام ، ينشدُ العيشَ المُشترك بين جميع أطياف الأديان والأعراق المُختلفة ، وهنا لا نتذكر إلا قرار الرئيس الصهيوني اسحق شاميير سنة 1948 بإغتيال مبعوث الأمم المتحدة لأنه حاول التدخل العادل في فلسطين ! وتلك المُؤامرات الإسرائيلية الصبيانية التي هي أقرب إلى المغامرات والمُقامرات في قياس التاريخ الطويل وما يتأسسُ عليه من أحداث ، ولنا في تجربة مؤتمر مدريد 1991 خيرَ مثال على إرادة الإرهاب وتشويه السلام العربيّ بمنطق الدولة اليهودية الهوية الصهيونية المنزع !

ولأنَّ الحقيقة داجنة تحتَ قدميها فلم تتوانى بأن تصف إسرائيل بأنها عنصرية ، لكنَ بدبلوماسية أدبية ، تعرف البروتوكول الدوليّ جيداً ، ولا تتعدى على العُرف الدوليّ ولا أدبيات المعاملة الدبلوماسية ، فمن يجبُ عليه أن يُحال للمحكمة التأديبية هو إسرائيل وسفيرها في الأمم المُتحدة ، لا ريما خلف الأمينة التنفيذية للإسكوا ووكيلة الأمين العام للمنظمة الدولية !

وعندما تُطالب ريما خلف بأنسنة العلاقات الدولية والتعاطف مع غزة المنكوبة والتي ترزح كالأرملة تحتَ سقف منزلها الوطيء ، لا يعني هذا إلا التذكير بمبادىء الأمم المتحدة واتفاقيات حقوق الإنسان ، ومبادىء الحرب العادلة التي صاغها المُجتمع الدوليّ منذُ اتفاقية وستفاليا (1688) ، بدءاً بقانون الحرب وليسَ انتهاءاً بمسوؤلية الحماية وقواعد التدخل العسكري الإنساني الذي لم نرهُ في راوندا وتيمور الشرقية وغيرها من الدول!!

إنَّ عملية صُنع السلام تحتاجُ إلى إرادة حقيقية وإلى إنخراط إسرائيل بالمُجتمع الدوليّ وأنسنة الفكر اليهوديّ ، وذلك يتطلبُ الإعتراف بما مارسته من تنكر وغطرسة على قرارات المجتمع الدولي بدءاً بقرارات الأمم المتحدة وليس انتهاءاً بالقوانين الداخلية لدولة إسرائيل التي ما زالتْ تحملُ رياح الماضي وغباره .

لقد حاولتْ الدبلوماسية الأردنية الرشيقة التأثير في المجتمع الدوليّ والمشاركة والإنفتاح على رياح التغير التي تجلبها الحداثة والتطور والتكنولوجيا ، فلم تعد المجتمعات تعيش في عزلة ، وإنّ شرط التطور المجتمعيّ – كما يقول صمؤيل هنتغتون في كتابه النظام السياسي لمجتمعات متغيرة – هو المُعضلة الأساس في تبني الديمقراطية لمجتمعات حوض البحر الأبيض المتوسط ، وإسرائيل ليستْ بدعاً من المتغير الدولي التي تسيطر عليه أنساق من التحالفات العسكرية (انساق ما فوق الدولة) ، وكائنات ما تحت الدولة (الجماعات المسلحة والفاعلين غير الرسمين) !

Leave a Reply

Your email address will not be published.