بيئة المخاطر الدولية: حول تقرير المنتدى الإقتصادي العالمي
رعد تغوج
تنشر ماكينزي العديد من التقارير في مختلف مجالات الإدارة والأعمال والسياسة والإقتصاد، وتقدم الإستشارات لكبرى الشركات والمنظمات والحكومات، ولعل من بين أهم التقارير التي أهتمُ بقرائتها هو تقارير المخاطر الذي يصدره قسم المخاطر والمرونة في المؤسسة بالتعاون مع المنتدى الإقتصادي العالمي، والتقرير هو عبارة عن ورقة عرضت في مؤتمر للمنتدى، وتم التوسع من قبل الخبراء الدوليين في عدة محاور تهم المخاطر الدولية بشكل عام.
لعل أبرز التحولات في خارطة المخاطر الدولية التي تواجهها الحكومات والمنظمات الدولية والفاعلين الدوليين بشكل عام، هو أزمة كورونا بالإضافة إلى الغزو الروسي لأوكرانيا.
فقد أثرت أزمة كورونا على القطاع الصحي العام في كل أنحاء الكرة الأرضية، ودُفعت الحكومات دفعاً إلى تبني سياسات مالية واقتصادية وقائية واستباقية لإحتواء الوباء العالمي، مما أثر على أسواق المال والأعمال، وارتفاع سعر الفائدة والتضخم ومعدل البطالة بسبب تسريح الموظفين، ووجد الشركات نفسها تعمل في بيئة جديدة هي بيئة العمل عن بعد، وتم تعزيز دور اقتصاد المنصات Gig Economy وأحدث ثورات حقيقية في مجال الأعمال والإدارة والإقتصاد والسياسات الحكومية.
أما الحرب الروسية الأوكرانية فقد أحدثت عدة أزمات ثانيوة لعل أهمل اضطرابات سلاسل الإمداد الدولية، والتأثير على الأمن الغذائي العالمي وأمن الطاقة.
في ظل هذه الظروف الدولية بالإضافة إلى الصعود التنافسي للصين، وانكفاء أوروبا على نفسها في حربها الإستنزافية مع روسيا نيابة عن الولايات المتحدة، وارتفاع أسعار الفائدة وهبوط النمو الإقتصادي كذلك التضخم غير المعهود منذ عقدين، أدى هذا كله إلى تغيير قواعد اللعبة الدولية وتغيير خرائط المخاطر المعهودة، وقد أشار تقرير المنتدى الإقتصادي العالمي إلى أن دليل ادارة الأزمات القديم لم يعد قابلاً للتطبيق الأن، وعلى القادة بناء المرونة للنمو في هذا العالم المضطرب.
إن مخاطر حصول تضخم مصحوب بركود اقتصادي Stagflation واردة وتُرهق القادة الدوليين، فجميع القطاعات تأثرت بأزمة كورونا والحرب الروسية، وأهم هذه القطاعات هي: الغذاء، الطاقة، الماء، اللجوء الصحة العامة، سلاسل التوريد.
في مثل هذه الظروف يتعين على القادة اللجوء إلى أطر حديثة من ادارة الأزمات والمخاطر، وتنظيمات حديثة من المرونبة resilient ، هذه الأطر تكون شاملة وتشبه الطر التي جاءت بها تطبيقات (البيئة، المجتمع والحوكمة) الشهيرة ESG FRAMWORKS.
تشمل هذه الأطر بناء القدرات وتوير التشريعات الدولية، وتدشين غرف عمليات لإدارة الأزمات والمخاطر Nerve Centers وتبيئة الحلول التقنية والتحليلية الحديثة مثل تحليل البيانات بهدف رسم خارطة كاملة للمخاطر الدولية، وتنويع القوة العاملة، فقد أشارت العديد من الدراسات الإمبريقية إلى أن تنوع بيئة العمال قمينٌ بزيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي، هذا التنوع يشمل مكافحة:
– Economic inequality
– Gender inequality
– Racial inequality
لعل خطة الإستجابة التي قام بها الإتحاد الأوروبي تلبي الحد الأدنى من خطط ادارة الأزمات الدولية. ومن خبرتي في هذا المجال أستطيع القول أن الأزمات الدولية تتطلب بيئة متنوعة جداً من الخبراء (احصاء ورياضيات وصولاً إلى الفنانين) فالأزمات مركبة ومعقدة جداً، والبيئة الدولية الإستراتيجية خلقت أنماطاً جديدة من التهديد هي تهديدات عملياتية هجينة HOT ، ويكفي النظر إلى أزمة واحدة فقط مثل التغير المناخي، فلها تداعيات سياسية وأمنية واقتصادية لا يمكن حصرها بقائمة المخاطر الكلاسيكية، والتداعيات البيئية فقط للتغير المناخي تتطلب خبراءً بعدة مجالات (التصحر، الجفاف، الجوع، الفقر، اللجوء القائم على المناخ، الحرائق والكوارث الطبيعية من فياضانات وأعاصير وانهيارات) وغيرها من التخصصات.
وتشير تقارير oxford economics إلى ضرورة ادماج ادراة الأزمات في جينات المؤسسات كافة، لتصبح متطلب في الهيكل التنظيمي لجميع القطاعات الحكومية والخاصة.
Leave a Reply