تقييم المخاطر السياسية

نحو مقاربة لتحليل المخاطر السياسية

رعد تغوج

تقييم المخاطر أو تحليلها هو احدى النماذج التي تم تبيئتها في عدة حقول معرفية وعلمية، منها القطاع الطبي (تحليل مخاطر اصابة مريض بأمراض القلب أو الزهايمر، أو تقييم مخاطر تفشي وباء معين كأوبولا مثلاً) أو قطاع الطيران والقطاع المالي والأمني والسياسي وغيره من القطاعات، وتكفي نظرة واحدة عجولة على قواعد بيانات المجلات العملية المحكمة والبحث عن هذا الحقل ليتبين حجم المناهج والأدوات التي طبقت على كل الحقول المعرفية بدون استثناء.

هنالك شُح حقيقي في اللغة العربية في حقل تحليل المخاطر السياسية، كما أن هذا العجز ينسحب على اللغة الإنجليزية أيضاً حيث ينحصر تقييم المخاطر السياسية ضمن حقل بيئة الأعمال فقط، فيتم دراسة المخاطر السياسية وأثرها على الأعمال الدولية والشركات والمؤسسات المالية فقط.

أرمي من هذا المقال المُختصر تفكيك بعض مفاهيم تحليل المخاطر وتفصيل بعض المناهج والأدوات المُستخدمة عن أهل النظر والدربة من الخبراء والعلماء في هذا المجال.

لعل أهم تقسيم لتقييم المخاطر هو تقسيمه من حيث المنهج إلى تقييم كمي أو نوعي، ويُشير الكمي إلى توظيف الأرقام والإحصاء وفي بعض الحالات الذكاء الصناعي المٌتقدم لدراسة المخاطر بشكل عام، أم التقييم النوعي فيُحييل إلى تحليل المخاطر نوعياً أو وصفياً.

ينتشر حقل تقييم المخاطر في القطاع المالي، حيث يشمل تقيم المخاطر المالية، ما يلي:

market risk

credit risk

liquidity risk

operational risk

legal risk

systematic risk

crypto – currency risk

هذا من ناحية تحليل المخاطر المالية على المؤسسة نفسها من قبل منافسين أو فاعلين من خارج المؤسسة، بينما يُشير مفهوم ذكاء المخاطر Intelligence risk إلى حقل معرفي أخر يستخدم أيضاً بشكل واسع من قبل القطاع المالي ومكافحة غسل الأموال واستخبارات المصادر المفتوحة والصحافة الإستقصائية وغيرها من الحقول.

من الصعوبة بمكان تبني نموذج موحد لتقييم المخاطر السياسية، فهنالك أولاً نماذج التنبؤ المعرفة في الدراسات المستقبلية كمنهجية ديلفي ومحاكاه موني كارلو ومصفوفة الإرتباط المتبادل وغيرها من النماذج، كما أن المخاطر السياسية من وجهة نظر العمل الحكومي أو جهات انفاذ القانون أو حتى الأمن الوطني تختلف من بلد إلى آخر، فامتلاك أسلحة ذاتية القيادة drones من قبل ايران يعتبر خطراً سياسياً وأمنياً استراتيجياً لإسرائيل، بينما تنظر له معظم الدول العربية على أنه حدث عابر. أو امتلاك منابر خارجية (مثل حادثة خاشقجي) يتعبر تهديداً لدولة معينة.

لعل حصر المخاطر السياسية بعدم الإستقرار السياسي هو النموذج الإفضل لتعميم مناهج المخاطر السياسية، فعوامل عدم الإستقرار السياسي معروفة ويمكن دراستها امبريقياً، مثل الناتج المحلي الإجمالي والفقر والبطالة والعدالة الإجتماعية والديمقراطية ومؤشر مدركات الفساد ونسبة الإنفاق الحكومي على التسلح مقابل نسبة انفاقها على الصحة والتعليم (مؤشر التنمية البشرية HDI) وغيرها من المؤشرات.

 

Leave a Reply

Your email address will not be published.