النزاعات الدوليّة : بيئة عدم التأكد اليقين
رعد تغوج
تنخفض الليرة التركيّة وترتفع بسرعة الومض و زيارات مكوكية للقيادة التركية (أردوغان وأوغولو) واستقبال وفود امارتيّة وأذريّة وترحيب بنظرية وزير الخارجيّة الأسبق، داوود أوغلو، بتصفيّر العلاقات الصراعيّة الإقليميّة، يتضحُ ذلك بتقارب مصريّ حذر. وتأتي هذه المشاكل بالتزامن مع علاقات متذبذبة مع قوس الأزمات حسب تعبير بريجنيسكي، وهي روسيا وإيران.
إيران ما زالت عند موقفها من مفاوضات جنييف التي عرقلها ترامب، والموانع اللوجستيّة لتوصيل صواريخها التكتيكية (ذي القفار، سكود، الفلق) إلى أراضي دول حليفة كلبنان واليمن وسوريا، لم تعد هذه الموانع والرقابة الإقليميّة تجدي نفعاً أمام القدرة العملياتية الشاملة المدعومة بترسانة نوويّة وصواريخ بالستية، وخبرة طويلة في حرب الغوريلا وحرب العصابات والشوارع، وتدشين الميليشيات والمرتزقة. تأتي هذه الظروف مع الخطة الإستراتيجية الأمريكية لإنسحاب من المنطقة، وتخفيض النفقات التشغيلية للقواعد العسكرية فيما وراء البحار. فحسب تقرير صادر عن المجلس الوطني للإستخبارات، أشار معدو التقرير إلى “أن الحضارة بدأت متوسطية، وانتهت أطلسية، والتوجه المستقبليّ هو للباسفيك” أي أن التوجه العالمي سيغدو الصين والنمور الأسيويّة بشكل عام.
ولا تبدو حلول أزمة بحر الصين الجنوبي وتايون مثل الحلول الروسية التي ابتلعت القرم و باغتت أوكرانيا وتتدخل في باقي الجمهوريات المتراميّة كليتوانيا التي أشار تقرير صادر عن مكتب التحقيقات الثاني التابع لوزارة الدفاع الوطني في ليتوانيا إلى مخاطر تلك التدخلات العسكرية والإستخبارية والإعلامية والمالية. لا تبدو هذه الحلول مجدية للصين، فهنالك تحالف استرالي بريطاني أمريكي يشمل تحريك غواصات وبارجات ومدرعات استراتيجيّة وتكتيكية وعملياتية في القرب من المياه الإقليمية لبحر الصين الجنوبي، بالإضافة إلى وجد قوات حليفة في اليابان واندونيسيا والهند وفيتنام وكوريا الجنوبية، والتمارين العسكرية الصينية منذ بداية ازمة كورونا هي لاختبار هذا التحالف الدولي ضدها (اختراق الفريق الأحمر red teaming).
بيئة عدم التأكد واليقين هذه تدعمها أزمة النقل والشحن الدوليّ، فالصين أوقفت العديد من المصانع لعدة أشهر، وسمحت لبعض المصانع في العمل يوم واحد فقط في الأسبوع، وهنالك مبادرات أوروبية لتقليد التجربة الصينيّة وخصوصاً بعد توصيات مؤتمر جلاسغو في بريطانيا حول التغير المناخي الذي قد سبقه عدة تقارير لعل أهما تقرير للأمم المتحدة يتنبأ بأن الحروب في المستقبل هي حروب المناخ!
يتزامن هذا مع انقطاع في سلع أساسية تشهدها عواصم دول صناعية مثل بريطانيا، وقد شاهد الجميع تدخل الجيش البريطاني وانتشار القوات العسكرية في شوارع بريطانيا مع أزمة انقطاع المحروقات.
يبدو أن عدم التأكد هو الذي يقود الساحة الدوليّة الأن، وقد أطلقت صحيفة الإيكونوميست على أحد أغلفتها عنوان “اقتصاد النقص”، كما يشير تقرير صادر عن مجموعة المخاطر السياسية PRS إلى احتمالية تحول بعض دول المنطقة إلى دول فاشلة مثل لبنان، التي ستبع سوريا والقراق واليمن وليبيا!
Leave a Reply