أسمار هارون الرشيد
رعد تغوج
قال هارون الرشيد يوماً لعازف الناي : تأهب غداً لمُرافقتي.
فقال : بماذا أتأهب ؟ الريحُ في فمي والناي في كم ثوبي !
النايُ يا هذا ليسَ في الرُتبِ … النايُ في فمِّ العارفِ والشُهبِ
فمن لكَ ثمَّ مَنْ لكَ في هذا … أليسَ العَدلُ في بُعدكَ عن الصخبِ
قال :
للهِ أنتمُ العُرفاءُ والظُرفاء، سماءُ المعرفةِ عِندكمُ درجاتٌ وأهواء، فهل لك ثمَّ هل لك أنْ تُطربنا في أبواب هذا الفن، وتشرحَ لنا مسالكَهُ ومعاوره ؟
انصت يا هذا ولا تكُن أبله … ملوكُ الزمانِ في كلِّ بيتٍ أسرفوا
صِبيانٌ ما لهم وما لهم رشدُ … ضلوا بما حكموا وما سددوا
جاروا فحكمنا الأسنة بيننا … وبغوا فما للسيفِ بدُّ
وقد قالت الحسناء في هذا المقام:
وقد أضرمنا النارَ بأعينهم .. وقد هزمنا الشيوخ بلا نزالِ
وقد واكبنَ العصرَ والزمانِ .. ووقفوا عندَ حَجرِ ابن يمانِ
وقد نسبوا القولَ إلى الرحمنِ
فدمُنَا مِهراقٌ وقولهمُ حلالِ
فإذا ما عذبونا بأحجارِ … ردَّ الكعبُ مُنتصراً بخلخالِ
وإذا ما سُبينا بالنصِالِ … ثارَ نهدٌ منحوتٌ بسلسالِ
قالت:
أحرقوها بقولهم أرضُ حشدٍ .. وبئسَ المقولة الأمنُ والأمانِ
قال لها:
وفيكِ شكٌ مليحْ
وكذبٌ نقلتيه بحكمةٍ عن سندٍ صحيحْ
وكُنتِ مِثليَّ
دَولةٌ
ترفعُ الأعلامَ وتثورْ
وفيكِ وفيكِ
تاريخٌ مُثقلٌ ومتنٌ وجذور
ولكِ من العُمرِ تِسعتانِ ونيفْ
ومِنْ الجمالِ لكِ سماءٌ وصيفْ
وأنتِ الحاكمةُ بأمرِ الله ما بين السندِ والهند من سنابل وجبال
فسلموا على النساء بعهدها فإنهم تُهددهمُ معاني الجَمال
قال:
يا رُكاماً مِنْ غُبار الأمم
إلى أنْ يكونَ لكم تُراباً مِثل أرضنا
إلى أنْ يكونَ لكمُ جيشاً مثل جيشنا
إلى أن …..
لا تدّعوا النصرَ فالجيشُ لهُ قدرُ …كما هُزمتم فالجيشُ ليسَ ينهزمُ
ماذا نُلقنكمُ والعُهرُ عُندكمُ مُقتسمٌ …. عليلٌ يقودكمُ وضريرُ لا أبأً لكمُ
قد ضلت من كانت الخصيانُ تهديهِ
قال:
يا مَنْ ظلموا مَنْ في البلادِ قتلوا … هاتوا المنايا فنحنُ يا موتُ لهمُ قُتلُ
قالت:
إن الجمالَ مُذ كانَ ومذ خُتمَ مرسومٌ بسيدةٍ من آل قفقاسِ
فقل لمن يدعي ذاك وغيرهم سفهاً إن الظنَّ ربيبُ اليأسِ
Leave a Reply