عن مصادرِ المَسعوديّ “أبي الحسن” الثريّة ومصائرِ المُعاصرين “المَعصورينَ” الثَفليّة
رعد تغوج
يُوردُ المسعوديّ في كتابه “التنبية والإشراف” (طبعة ليدن – بريل 1893) الكثير من الإعتراضات والشكوك على فلاسفة وحكماء من اليونان والرومان والفرس والكلدانين والهنود والصابئة وغيرهم، مُتجاوزاً بذك – ومُناشزاً- لما تواتر إليه من علومٍ ومعارفَ انصهرت في عصره (335ه).
ومن الأسماء التي أوردَ علهيا شكوكاً :
أفلاطون، ثامسطيوس، الرواقيون، أرسطاطاليس، ابطلميوس القوذي، يحيى النحوي، أفلوطرخس، فيثاغورث، مارينوس، وغيرهم من الحكماء والفلاسفة والجغرافيين وعلماء الطبيعة والفلك والأرض والأنواء والتنجيم.
وقد نقل المسعوديّ عن “هرمس” واعترض عليه، وهرمس (مُثلث العظمة والحكمة) هو الرسن الذي قادَ “دي بور” في تاريخه “اللاتأريخيّ” إلى اتهام الفلسفة العربية الإسلاميّة بالغنوصيّة والتهرمس، وأنها مزيجٌ مُسكرٌ من الفيثاغوريّة والتعاليم الأوريفيّة، والأفلاطونيّة المُحدثة، وتبعه في ذلك غير واحدٍ (مثل الجابري).
يقولُ المسعوديّ : “وفيما حكيناه تنازع بين حكماء الأمم من الفرس واليونانيين
والروم والهند والكلدانيين وغيرهم والأشهر ما ذكرناه وقد أتينا على شرح
ذلك فيما سلف من كتبنا، وكذلك ما تنازعوا فيه من اشتراك البروج
الاثني عشر في الأقاليم السبعة، وخاصة الكواكب السبعة في الآراء والملل
والنواحي والآفاق وغير ذلك”اه ص46
وهذا لا يدفعُ أنَ يكونَ للمسعوديّ “شطحات” أو ما شابه، لكن عِيار القراءة النزويّة هو الإبتسار، كما عِيارُ القراءة الشُموليّة السياقيّة هُو الإيثار، وبينَ القراءتينِ برزخٌ.
وتدفعُ القراءات النزويّة إلى تكريس “علامات تجاريّة” على “كتبٍ تراثيّة” مثلما حصل مع المعريّ أبو العلاء، ومثما فعل أبو العلى العفيفي في تفسيراته لفصوص ابن عربيّ الحِكميّة، والتي قال عنها (هكذا بسهولة) أنها ركيكة لغوياً!.! ولم ترتقِ كتابته إلى مُستوى الترتيب المنطقيّ! وبعد ذلكَ يقولُ أن ابن عربيّ كان يقصدُ ذلك في فصوصهِ خوفاً من مقص الرقيب الفقهيّ (وهو الذي فرَ من مصر هارباً)!!
وأمّا أن ابن عربيّ كان لا يعرفُ الترتيب المنطقيّ لأفكاره، ما جعلَ نصهُ “الفصوص” مفككاً، فهذا لا يستوي مع تطور المصطلح الفلسفي عن العرب، والقراءة “التاريخانيّة”لهذا التطور، فمعظم من سبق ابن عربيّ ومنهم الكنديّ (أبو يعقوب) كان ركيكاً ومُضطرباً، ولنا أن نرى مصطلحاته الأنطيولجيّة مثلاً في كتابه إلى المعتصم بالله في الفلسفة الأولى، وتشملُ مصطلحات الوجود والعدم (الأيسَ والليس)!! والفارابيّ أبي نصر، وكذا ابن سينا وغيرهم.. أما سياق ابن عربيّ فيختلفُ تمام المُغايرة عن هذا، والكلامُ يطولُ!..
Leave a Reply