وإذ يرفعُ الحُسينُ الأردنَ وعبدُالله، ولا غالبَ في الوطنِ وحُبهِ إلا الله.
أمّا عَبدهُ الذي اصطفاهُ من صفوةِ عبدهِ، فهُو أبو عبدُالله.
أمَّا الزمانُ، فهُو الرابع عشرَ من جميعِ الشهور، ولسانُ حالِ الأردنينَ يقولُ :
النفسُ (بعدكَ) تآلفتْ وتلِفتْ، والأعضاءُ بحقٍ لكَ هتفتْ، ما أعفيتَ المحلّة لكنُ عُفّتْ، أقضيّةُ اللهِ دعتْ فأسمعتْ إنْ هتفتْ.
والمكانُ لم يشهدوا ربيعهُ بعدُ، فاخوةُ يُوسف في العُروبةِ جاؤوا على رسالتهِ بدمٍ كذِب..
وفي السادسة عشرَ من العُمر والفكرِ معاً، بدأ خُلفاء حاييم وايزمان وبن غوريون في كتابةِ سفر المُؤامرات والدسائس والكمائن، ولسانُ حال الحُسينِ يقول :
وربُّ المُزدلفةِ والنار، ما أنا من تلك الأحجار، حكمتْ بحكمتها الأقدار، وحارتْ بربّ البريّة الأبرار.
فكانتْ نُبوءةٌ لواحةٌ للبشر، لا تُبقي ولا تذِر، وفي جيدِ الأخوةِ والأعداء سمُّ قذِرْ، ولمْ يكُ هذا بالنسبة للأردنيّن يومَ الناقور، فنجيعُ الشُهداء ودماء الأبرار تملأُ الأديم ناطقةً مُحذرة :
سنبقى طويلاً نجرُّ الدماء .. ولنْ يُبردَ الدمّ إلا الدمُ
ولم يدر في منطقِ الأخوة والأعداء أنَّ الأردنيّ يستفُ تُرْبَ الأرضِ كي لا يُرى عليهِ من الطَولِ أمرؤٌ مُتطولُ !!
وإذا ما غابَ عنهمُ سيدٌ (شهيد) قامَ سيدُ
وأنَّ (الأردنيّ) قؤولٌ لما قال الكرام فعولُ
ولا يرونَ في الموتِ سُبةً إذا ما رأتهُ عامر وسلولُ
أمَّا الحُسينُ فقدْ سدّدَ وقارب، فأفلحَ كيفَ قاربْ، فرعّبَ وحاربْ، ثّم رهّبْ فأرهفَ كيفَ حاربْ!!
ومـا ضرنـا (يومئذٍ) أنّا قـليلُ وجـارُنـا عـزيزُ وجـارُ الأكثريـنَ ذليلُ
في الرابع عشر من جميع الشهور وُلد ذلك القائد البهي، بالقرب من واحة خضراء لم تكن العصافير تنتظر أن تتحول إلى غدير ماء.
ومن تحدث قبيل رحيله عن المواطن أنه ‘أغلى ما نملك’، كان الأنبل والأكرم في جذوره، حيث المشية العمونية تشمل حتى الحساسين، كان نفح الدخان يلف السيجارة بين أصابعه، كان نحيلاً كرمح، صلباً كسيف، قوياً كأسد يشتم عن بعد رائحة العرين، لهذا كان حديثه قبل الوداع حفيفاً أبدياً تتعانق فيه المشاعر كالآوبرا على ايقاع موسيقى لا تعزف الا مع الرعد.
حمل البيرق وطافَ الميدان، مُعرفاً بأردنهِ كأنَ عِناق اللقاء وداع.
Leave a Reply