تتناول هذه المقالة الإبتكار من عدة وجهات نظر سيسيو-تقنية، عبر تفكيك ظاهرة الإبتكار نفسها إلى عدة محاور-ثنائيات أو بُنيات صغيرة. فأولاً يُقسم الإبتكار بعرف الشركات، المؤسسات، أو حتى الإبتكار العلمي، الفني، التقني، إلى قسمين:
1- الإبتكار التدرجي Incremental
2- الإبتكار الجذري Radical
قدرة المؤسسة على الإبتكار هو ما يعرف بــ البراعة (Ambidexterity) وتتم هذه العملية عبر بُنيتين:
1- الاستكشاف Exploration
2- التوظيف Exploitation
البراعة المؤسسية عبر ثنائية الإستشكاف والتوظيف كفيلة باحداث الإبتكار الجذري (الوارد أعلاه) ونقل بنية عمل المؤسسة أو المنظمة بالكامل، ولعل أبر مثال على ذلك هو ثورات التحول الرقمي مع فقاعة الإنترنت، حيث فقدت الصحف الورقية أهم خاصية تميز الخدمات التي تقدمها، وهي سرعة نقل الخبر، ومن الصحف التي أحدثت ثورة في الإبتكار صحيفة USA Today.
يذهب “إيرك فون هيبل” إلى أن الإبكتار الأعظم والمسكوت عنه هو ابتكار المستخدمين أو المستهلكين، فأعظم الإختراعات جاءت لحل مشاكل تواجه المواطنين، ولعل أبرز مثال على ذلك هو اختراع عجلات المسنين wheelchair واختراع مقعد الأطفال المخصص للسيارات، ففي كلا الاختراعين قام مواطنون عاديون جداً، واجهوا مشكلات في الحياة اليومية باختراع تلك الأدوات قبل أن تتبناها شركات وتقوم بانتاجها بغرض الربح.
يضرب “هيبل” العديد من الأمثلة حول ابتكارات المواطنين، من بينها قصة الطبيب “جون هايشمان” حيث كان يعمل في عيادته في ثلاثينيات القرن الماضي، كان الأطفال يُصابون بحُمة تؤدي إلى تدمير شرايين القلب، أراد هايشمان معالجة مرضاه فذهب إلى شركة مختصة بتصميم التكونولوجيات الطبية بهدف الطلب منها صناعة ماكينة مخصصة لفتح الشرايين Lung -heart machine.
لم تستجب الشركة لطلب هايشمان بدعوة إن مثل هذا الإختراع لن ينفع ولن يجلب الربح للشركة، وبعد محاولات عدة قام هايشمان بنفسه بتصميم هذا الجهاز.
قامت شركة Lego الشهيرة بتصميم روبوت Brainstorm بعد عدة سنوات من تصميم والعمل على هذا المشروع، وما أن قامت الشركة بطرح المنتج في الأسواق، حتى تسابق عشاق ليغو وجامعو المجسمات والهواة باختراق هذا الروبوت والتعديل عليه والتلاعب به، وبدأت الشركة بالخسارة نتيجة سلوك الجمهور. وجاءت بعدها الفكرة الإبتكارية والإبداعية حيث قامت الشركة بتصميم موقع يمكن المستخدمين من تصميم منجاتهم والتلاعب بها ومن ثم بيعها على موقع الشركة نفسه.
هذا النموذج من الأعمال يُسمى crowd-sourcing حيث يتم الاستعانة بالجمهور العريق (الخارجي) بدلا من الإعتماد والاحتكام إلى الإبداع القادم والمقتصر داخل أروقة الشركة.
Leave a Reply