في احدى مقولات دونالد رامسفيلد، قال أن هنالك معلومات معروفة، وهنالك في المقابل مجهولات غير معروفة!
هذه مصفوفة يتم تبيئتها لدراسة بيئة عدم اليقين التي لا يمكن التبنؤ بها. مهما حاول الرياضيون والإحصائيون، فالتعقيد complexity هي سمة رئيسة من سمات النظم المعاصرة. وبحسب نظرية النظم systems theory، بل ونظريات السايبرنيتيك cybernetics فإن النظام، أيّ نظام، يحوي أنظمة فرعية، وهذه النظم يتم تفكيكها وبنائها لدراسة تعقيدات البيئة العملياتية الهجينة، فكيف مثلاً يمكن دراسة ظاهرة مثل ظاهرة الذكاء الإصطناعي؟ ليس بمستطاع أي فرد، مؤسسة أو حتى دولة الإدعاء بأنها تملك ناصية الذكاء الإصطناعي، فتطبيقات هذا الحقل واسعة جداً، والعلوم والمعارف والنظريات المتفرعة منه أيضاً كبيرة جدا ومتسعة وممتدة، هذا ما يجعل الذكاء الإصطناعي عبارة عن blackbox لا يمكن معرفة ما بداخله.
تتميز النظم المعصرة بالإضافة إلى كونها معقدة بأنها:
معدية contagiuos: بمعنى أن أي حدث بسيط، أزمة سيؤثر حتماً على باقي ارتباطات السلسلة (النظم) المرتبطة بالنظام الرئيسِ.
الدوران اللانهائي feedback loop، بمعنى أن أيّ حل، أو تجاوز لمشكلة معينة، سيعيدك إلى المربع الأول من المشكلة البدائية التي لا يمكن تتبعها.
الفشل المتسلسل cascading failure: بمعنى أن فشل نظام سيؤدي إلى فشل نظم أخرى (بيئة، اقتصادية، اجتماعية، سياسية، قانونية،..).
لعل مسلسل the days الذي تدور أحداثة حول حادثة مفاعل هيروشيما هو أبرز مثال على خصائص النظم السيبرنيتيكية المعاصر، فزلزال بقوة متوسطة (نظام بيئي) إلى تداعيات أخرى، أولاً (تسونامي = نظم بيئية) بعدها خلل في معامل هيروشيما (تكنولوجي) مما أدى إلى انقطاع الكهرباء، وأزمة سياسية، قانونية، اقتصادية، بيئية، صحية، أمنية لا يمكن تجاوزها.
تتميز النظم المعاصرة بأنها مترابطة ومعتمدة على بعض البعض interconnected and interdependent systems، ما يعني أن أزمة مناخية – بيئية – كالفيضان قد تؤدي إلى سلسلة من الأحداث غير المتنبؤ لها، غير المتوقعة، غير مخطط لها.
دراسة الحروب والصراعات المسلحة المعاصرة تقدم لنا مادة معرفية للدراسة، فالصراعات المسلحة كظاهرة تتجه نحو الصراعات الداخلية (الثورة، الإنقلاب العسكري، عدم الإستقرار السياسي، والعنف الممنهج) بينما تراجع نصيب “الصراع بين الدول” وذلك حسب قواعد بيانات جامعة أبسالا في السويد.
تنحى مثل هذه الصراعات الداخلية أن تصبح صراعات معولمة، بتدخل أطراف إقليمية ودولية، ما يعني أن الفاعلين لا يمن عدهم مثل الصراع السوري والذي أفادت بعض التقارير الإستخبارية أن النظام السوري يقاتل 400 جهة، ويتعقد المشهد مع تداخل الإقتصاد والعمران في حيثيات الصراع، كذلك الهجرة القصرية والتغيير الديمغرافي، فصراع مثل السودان والذي أدى هجرة مئات الألوف إلى الخارج (الوطن العربي واوروبا) أدى إلى تغيير النظام العالمي، بينما تشتبك قضايا أكثر بعداً مع حروب مثل الحرب الروسيا الأوكرانية، التي تتداخل فيها مخاطر التصعيد النووي، مع بيع الأسلحة وخصوصا المسيرات وغيرها من التكنولجيات الحربية، بالإضافة إلى أزمة الحبوب والقمح العالمية، وتراجع قيمة بعض العمل الأوروبية، والشتاء البارد الذي ضرب أوروبا الغربية نتيجة الطاقة والغاز الروسي. بينما تستمر وتيرة التغذية المستمرة feedback loop لتغذي أطراف الصراع.
Leave a Reply